الأربعاء، ٢٩ أكتوبر ٢٠٠٨

جنــــة الــــروائع 3

قبل الاسهاب في القراءة يرجى الاجابة على الاستبيان الموضح على بسار الشاشة
وشكرا لمن مستمر في متابعة القصة ،، وشارك بالرد بالمدونة ام لم يشارك ويتابع من بعيد :)



بقي شمسان ساكناً ولم ينهض عن الأرض لقد علم في قرارة نفسه أن هذا البغل الذي يحمل دماء الخيول العربية أقوى منه جسدياً ولكن بتأكيد أقل ذكاءً !
لذا ليس من صالحه أبدا مواجة ذلك البغل اللعين أو تحديه لأنه سيخسر المعركة لا محالة خاصة إذا كانت وجهاً لوجه . لقد كان فعلاً شديد الغباء عندما أقدم على رفسه .. تباً للغضب عدوه الأول ! تلك النوبات العصبية التي تفقده عقله وحكمته يجب أن يجد طريقةً ما للتخلص منها ! بقي فترة يفكر في صمت قبل أن يغلبه سلطان النوم الذي استسلم له فيما بعد دون مقاومة ..
كان البغل في تلك الفترة يغالب احساسه بتأنيب الضمير ! لقد أقدم على ركل الحمار بطريقة عنيفة قد تتسبب في وفاته ! يجب أن يفهم أنه مجرد حمار فلا داعي لفقد اعصابه معه بتلك الصورة خاصة أن شمسان ينتمي لسلالة عرفت بالغباء والحمق ! قرر أخيراً أن يذهب في اتجاه شمسان للإطمئنان عليه . أخذ يقترب من الحمار في حرص وقلبه يخفق بعنف ولكنه توقف فجأة وابتسم عندما سمع شخير الحمار يعلو شيئاً فشيئاً لسبب ما شعر بسعادة غريبة أن شمسان لا يزال على قيد الحياة . احس بعدها هو أيضا بالتعب وقرر أن يخلد إلى النوم .

مع بداية خيوط الفجر الأولى فتح شمسان احدى عينيه بتثاقل ثم تذكر ما حدث له البارحة فانتصب واقفاً يتأكد أن تلك الركلة القوية لم تفقده شيئاً من سلامة اعضائه ! ويبدو أنه محظوظ جداً فلم يجد سوى القليل من الكدمات التي كانت تؤلمه فقط إذا ضغط عليها . انتبه وهو يلتفت الى يمينه أن البغل يغط في نوم عميق ففكر بسرعة في قتله انتقاماً ولكنه عَدَل عن ذلك لأن الطريق إلى تلك الغابة محفوف بالمخاطر وهو يحتاج إلى من يحميه ويؤنس وحدته في رحلته الطويلة . ثم أنه لا يعلم شيئاً عن غابة البلاغة سوى ما سمعه عن جنة الروائع فقط !
إنه يحتاج بلا شك الى سند يحمل دماء حميرية من ابناء عمومته حتى وإن كانت ملوثة بدماء خيول عربية ! لذا عليه أن يكسب ثقة ذلك البغل ويظهر له الحب والولاء حتى يضمن بالمقابل اخلاصه وربما صداقته . رجع بهدوء ليتمدد على الأرض وقرر أن يبقى ساكناً هناك حتى يستيقظ البغل ...

*********************************

كانت حيوانات غابة البلاغة تجتمع كل أحد في جنة الروائع السوق الثقافي الكبير الذي تأتيه الحيوانات من جميع الأنحاء . في هذا اليوم تُفتح بوابة السوق للجميع دون استثناء الكل يدخل على الرحب والسعة . يتم عادة تزيّن السوق بأبهى حُلة من الأزهار وأطواق الياسمين التي تصنع خصيصا لتلك المناسبة فيطفي عبيرها الحالم رونقاً خاصاً يزيد من روعة السوق . على جانبي السوق سورين عظمين علّقت عليهما أجمل أنواع المعلقات لسحر الأدب والبيان بالإضافة الى لوحات ورسومات مدهشة تعجز الكلمات أحيانا عن وصف روعتها ودقتها ! بلا شك كل من يدخل إلى ذلك السوق يشعر بأنه في جنة حقيقية خصوصاً لو كان ممن يتقنون فنون الأدب أو لديه موهبة الرسم .
في وسط تلك الجنة مسرح كبير يعرض عليه الفنون المختلفة . كل من لديه موهبة ما يجب أن يقف هناك ليعرضها على جميع مَن في الغابة ثم يأخذ الضبع سالم نسخة منها فيحتفظ بها لمدة اسبوعين إلى أن تقرر اللجنة المسؤولة جودة العمل المقدم فتختار من كل النسخ الأفضل ليتم نسخه بماء الذهب ويعلق أخيرا ً في السوق كاحدى روائعة ..


على يمين المسرح يوجد منصة خاصة يجلس عليها الأسد شمشون مع وزيره الفيل فهمان ومساعديه القطة المدللة ياسمينه و والصقر الجارح راشد .. أما على يسار المسرح توجد منصة أخرى يجلس عليها المنظمون والمسؤولون عن جنة الروائع يمثلها كل من الضبع سالم , الثعلب بدر , الطاووس محروس , الحمل نعسان , الببغاء سلطانة , الكلب شعبان وأخيراً الثور متمرد .
اختار الأسد شمشون مجموعته بكل ذكاء فجميعهم مختلفين تماما في الميول والطباع وحتى الأذواق والشخصيات تكاد تكون متنافرة ! لكنه فكّر في جمع كل نقيض ليحقق نوعاً من العدل والتميز في اختيار الروائع ….. نعم أحيانا الاختلاف يعطي نتائج باهرة خاصة في المجموعة الواحدة وهي طريقة إيجابية لكسر طوق الاتجاه الواحد الذي لا يمثل أي تجديد في روح الإبداع وهذا ما كان يخشى حدوثه لو اختار مجموعة تتبنى نفس الأفكار ! هذا تحديداً رأي الأسد شمشون ( الاختلاف بطريقة ما يولد الائتلاف ) … قد يراه البعض مخطئاً في تفكيره والبعض الآخر قد يراه حكمة وبعد نظر .. فمثلا الضبع سالم كان يحتاج لمثله في المجموعة لأنه معروف بإخلاصه وحبه للعمل منظم ومرتب إلى ابعد الحدود وان كان عصبي أحياناً و في غمرة غضبه لا يستطيع التركيز أو اختيار عبارات مهذبة فقد يقول كلاماً لا يحمد عاقبته ! ولكن ميزاته الأخرى في نظر شمشون كانت أكبر من سلبياته ثم أنه يستطيع بخبرته ودهائه تجنب إغضابه لأنه لن يجد مثله في الدقة والنظام وحب العمل !
الثعلب بدر كان شخصية مختلفة تماما لا يغضب إلا نادرا ينفذ كل ما يريد بدهاء ومكر يحسد عليه , هادئ الأعصاب هدوءه هذا يجعلها مميزاً وقادراً على التفاهم مع نوبات الغضب التي يسقط فيها الضبع سالم ! ورغم أنه هادئ إلا أنه حاد كالسيف في آراءه ولا يقبل بالخطأ عموماً ويحاول قدر الإمكان تجنبه ! أكبر عيوبه الكسل الذي كان يمنعه أحيانا من الرسم الذي كان يتقنه بحرفية عالية فانتاجه من اللوحات كان يمكن أن يتعدى ضعف انتاجه الحالي لو أنه اجتهد قليلا ً !
الطاووس محروس عُرف بثقافته الواسعة وهو شاعر مخضرم وأديب مميز لكن الغرور أحد أكبر عيوبه الذي يفقده أحياناً كثيرة محبة الآخرين خصوصاً عندما يستعلي عليهم بثقافته متناسياً أنه مهما استعلى على الجميع لن تنسى الحيوانات منظر رجليه التي تمكن منها الجرب بشكل منفر !
الحمل نعسان هو اسم على مسمى لديه عينان ناعستان بأهداب طويلة وكثيفة لا يكاد ينظر بها إلى أي أنثى دون أن يجعلها صريعة لتلك العينين الرائعتين ! ليس هذا فقط بل أنه حلو الكلام خفيف الظل إلى أبعد الحدود … تستطيع أن تقول أنه دون جوان الغابة بلا مقارنة محبوب من الجنس اللطيف ولديه أسلوبه الخاص في التقرب منهم لا يدخل في صدمات مع الآخرين يكفيه فقط قول رأيه بهدوء والانسحاب عكس البغبغاء سلطانة ! التي كانت لا تملك إلا أن تعبر عن آرائها بقوة وأحياناً بعدوانية ! صعبة المراس ولكنها كانت أقرب الجميع إلى حيوانات الغابة فقد تنبري بلا هوادة للدفاع عن حقوقهم غير مبالية بإعتراض شمشون نفسه ! كانت أكثر الجميع حيادية فيما يختص بالنصوص المقدمة للروائع لتكون تلك الصفة من أهم ميزاتها عند الأسد !
في الجانب الآخر اتفق الجميع بلا تردد على بُغض وعدم احترام الكلب شعبان الذي كان أشد أنواع الكلاب غباءً وإخلاصاً في الوقت نفسه لشمشون فقد كان مستعداً لإلقاء نفسه في النار فقط لإرضاء ذلك الأسد حتى لو كلفه ذلك فقد حياته ! كان الجميع يشترك في النظر إليه بدونية وكثير من الأحيان بغيظ شديد وبخاصة الثعلب بدر كان يفقد برودة أعصابه المعروفة بسهولة متناهية في وجود ذلك الكلب ! لذا كان دائما يتجنبه لأنه لا يحب الأغبياء بعد أن تأكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الكلب شعبان يتحلى بمنزلة رفيعة في عالم الغباء ! وفي الحقيقة عندما تم اختيار شعبان في مجموعة جنة الروائع أصيب الجميع بصدمة وكاد أغلب حيوانات اللجنة الخروج منها بسببه ! ولكن الأسد أصر بشدة على وجوده الذي فهمه البعض منهم فيما بعد أنها طريقة ذكية من الأسد ليستثمر إخلاص وطاعة ذلك الكلب فقد كان الأخير يوافق دون نقاش على أي اقتراح من الأسد وهذا كان يسبب الكثير من الضجر والقهر في نفوس الحيوانات الباقية !

أما الثور متمرد فقد كان أكثر المجموعة تمرداً على كل شيء ! كان يريد أن يعيش في غابة خالية من العقد والإنحرافات التي عانى منها شخصياً في غابته ! واهم عقدة كانت تهمه في الموضوع هي عدم وجود اللون الأحمر في غابة البلاغة ! فقد كان يكره ذلك اللون بشدة ويمقته لما يسببه له من جنون لم يستطيع أن يفهمه والذي بدوره كان منتشراً بشكل واسع في غابته ليكون اللون المميز للورود هناك !
ولقد حَمَد متمرد للأسد شمشون تفهمه لموقفه من اللون الأحمر عندما منع استخدام ذلك اللون في غابة البلاغة حرصاً منه على أعصاب الثور …




يتبع ...


منقول للفائدة

هناك ٨ تعليقات:

Ducati يقول...

عجبتني فكرة ان اتباع الأسد كلهم ما يتفقون او يتشابهون بالأطباع و الميول يعني ممكن يطلع من التناقض شي مميز

أبو لطيف يقول...

متابع

جزاك الله خير

غير معرف يقول...

ناطرينك
عساك على القوة

الزين يقول...

متابعة

كمل

ملاحظه صغيرونه

حاولت تسوي اسقاط للقصه على المدونات

:)

راح تلاقي وايد شخصيات صفاتها تنطبق على الحيوانات المذكورة

كمل ...

غير معرف يقول...

متابعة

ملاحـظـة يقول...

جنه دخلنا بالسياسة
متاااابعه جدا

enter-q8 يقول...

متابع و بشغف

. . . ساخر كويتي يقول...

ducati ( هذا الفكر الحكيم )

بولطيف (حياج الله)

غير معرف

الزين ( نلعب بالكبير احنا وخلينا بمستوى الدولة :) )

من لاتحب الانتظار

ملاحظة (في بعض الاحيان البلاغة افضل من الصراحة :) )

enter-q8 ( عجبتني وبشغف )

حياكم الله جميعا ......